التدوين باستراتيجية: التخطيط لمحتوى المدونة.

في منتصف السنة الماضية أدركت أني كنت أتبع منهجية للتدوين دون أن أعي ذلك أو أخطط له. كنت أكثر حرصًا على بلوغ هدفي في إثراء المدونة وجعلها حيّة، فكانت أهدافي تتركز حول التدوين باستمرار والاهتمام بالمحتوى من نصوص وصور، والاهتمام بالحفاظ على ثبات هذا الإنتاج وزيادته قدر المستطاع ، ولم يكن يعيقني أو يثنيني انعدام التفاعل في مرات كثيرة أو قلته في بعض المرات، فكنت اُذكّر نفسي أن هدفي التأثير وليس الانتشار، والعلاقة الطيبة التي بيني وبين أصدقاء المدونة تكفيني وزيادة. وجدت أن هذه المنهجية ولو كانت غير موثقة في ورق أو ملف الكتروني ناجحة جدًا وخولتني إلى مراقبة إنتاجي في التدوين وتسلسل الأفكار و حصر متطلبات كل تدوينة أطرحها أو أفكر في طرحها من ناحية قراءة ، مصادر، صور وأخيرًا نص التدوينة. لذلك قررّت قبل نهاية العام المنصرم أن أطوّر الموضوع وأتعامل معه بجدية أكثر واحترافية أكبر وأضع خطة منهجية بسيطة لمدونة شخصية غير ربحية لها أهداف محددة وتسعى إلى تطورات صغيرة.

فتحت برنامج الاكسل كما تعودت في عملي ، وسارعت بإنشاء الأعمدة والصفوف و متابعة منشورات مدونتي بطريقة منظمة. ومع بداية هذا العام قررت أن أطوّر من الملف قليلًا، وأكتب لكم عن التدوين باستراتيجية و وضع أهداف للمدونة وأشارككم الملف الذي ربما يساعدكم على استمرارية التدوين و تحقيق أهدافكم مهما اختلفت من المدونة.

ماذا يعني التخطيط لمحتوى التدوين؟ ماذا تعني استراتيجية المحتوى:

بكل بساطة وبدون تعقيد يعني أن تضع خطة لمدونتك ومنشوراتها وما يتعلق بها، ماذا تنشر و ماهي المواضيع التي تريد أن تنشر عنها، ماهي أهدافك في أعداد التدوينات شهريًا وسنويًا؟ هل ستأخذ إجازة من التدوين؟ ما مدى تباعد نشر التدوينات زمنيًا؟ وما الذي تحتاجه كل تدوينة حتى تنهيها بالشكل المطلوب؟ بالطبع هناك مكان دائمًا للتدوينات العشوائية والتي لا تتطلب كل هذا العناء، ولكن الاستعداد المسبق أمر طيّب ومحفز للبعض منا. التخطيط لأهدافك من المدونة من تحسين المحتوى و المظهر، الوصول لعدد قراء أكبر أو بناء علاقة رصينة مع قراء مخلصين الخ.  على كل حال ستدرك أنك بطريقة ما كنت تدير محتواك وهناك استراتيجية ما كنت تتبعها، لكنك قد تحتاج إلى تطويرها والتدوين بمنهجية واضحة أكثر وأهداف تطويرية جديدة.

كيف أخطط لمحتوى أفضل وتدوين مثري:

• تحديد الأهداف مهم جدًا للمدون الجاد، مالذي تريده من المدونة؟ ماذا تود تحقيقه خلال فترة زمنية قصيرة أو طويلة؟ قد يكون هدفك التسلية ومشاركة كتاباتك وبنات أفكارك ليس إلا، وهذا ممتاز ولا بأس به. وتبعًا لذلك ستكون استراتيجة مدونتك أبسط وأسهل. أو قد يكون الوصول إلى منصة تدوين و كتابة مستقلة وتكون مرجع لمئات آلاف القراء، وبالتالي ستكون منهجيتك تدوينك أكثر جدية وأصعب والاهتمام بالمنشور سيكون أدق.
• إنشاء تقويم بالمحتوى أمر رائع ! إن إنشائك تقويم بالمحتوى content calendar سواء كان تقويم شهري أو سنوي مرن سيجعل من التدوين أمر منظم أكثر، وسيساهم في ترتيب أولويات التدوين و الالتزام بالنشر وإلهام الآخرين. أنشأت تقويم شهري في العام المنصرم بكل التدوينات التي أرغب بنشرها وكتابتها، وحددت مدة تباعد التدوينات و وقت نزولها و وقت نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي. وجدت أن الأمر أضاف لي الشيء الكثير وجعل التدوين ممنهجًا بالنسبة لي وأكثر ترتيبًا و وضوحًا. شجعني أن أنهي تدوينات كثيرة مسبقًا متى ماوجدت الوقت والمزاج المناسبين للكتابة والتصوير. وغالبًا ما أنتهي ب 3 تدوينات على الأقل جاهزة للنشر في موعدها قبل أسبوع او اثنين. (واصل قراءة التدوينة للاستفادة من ملف تقويم المحتوى وكيف أستخدمه)
• الاهتمام بالمحتوى وطريقة طرحه وتقديمه، وهنا تدوينة نشرتها تحوي تلميحات لتدوين ومحتوى مميز.
• نافذة مع القراء: تفاعل القراء المباشر أو غير المباشر مهم جدًا ويشعرك بجدوى ماتفعله كما أنه يثري المدونة. تعليقات الزوار وأصدقاء المدونة دائمًا ماتكون مفيدة لي. لذلك ضع في عين الاعتبار أن يكون لمدونتك قائمة بريدية تزود القراء بجديد مدونتك، صفحة للتواصل ومشاركة الأفكار والملاحظات الخ.

سأشارك معكم ورقة الاكسل التي أخطط فيها لتدويناتي، عددها، التحضير لها و أهداف المدونة التي أضعها. أنشأت هذا الملف عبر برنامج الإكسل لسهولته و الوظائف العظيمة التي يقدمها للمستخدم. في بداية الجدول وضعت صف لعدد التدوينات المتوقعة سنويًا وشهريًا، ومدة تباعد التدوينات حتى أقوم بجدولتها في لوحة التحكم في مدونتي. أضفت تقويم المحتوى لكل السنة في العامود الأول، مقسمة على الأشهر الاثني عشر. ولكل شهر عدد تدوينات حددته لنفسي مسبقًا، فهدفي مثلًا هذه السنة أن أضيف 6 تدوينات شهريًا، تفصل بين كل تدوينة وأخرى خمسة أيام إذا كانت الظروف مواتية. مما يجعل هدفي في عدد التدوينات سنويًا يتراوح مابين 70 إلى 73 تدوينة. العدد هنا ليحفزني على الاستمرارية والثبات في التدوين مع مراعاة أن لا يطغى الكم على الكيف. عدد الصفوف سيختلف من شخص لآخر بناءً على عدد التدوينات التي يرغب بنشرها شهريًا.

العامود التالي يحمل عنوان التدوينة. عادةً أخطط للتدوينات بشكل شهري، لكن لدي الكثير من الأفكار فوجدت أن عناوين التدوينات لدي معروفة حتى شهر أبريل من هذا العام. وهذا شيء ممتاز جدًا لي. لأني سأعرف عن أي الأفكار المزدحمة في دماغي سأدون، ومتى ينبغي لي نشرها وما الذي أحتاجه حتى أنهيها. هذا العامود أيضًا يساعدني في حال طرأت فكرة لتدوينة، أقوم بتسجيل العنوان في القائمة ومن ثم أبدأ العمل عليها حتى أنهيها وتصبح قابلة للنشر. إنها بمثابة المفكرة السريعة للمدونة ولكنها منظمة أكثر ومنهجية.

العامود الذي يليه عامود مصادر التدوينة والتحضير لها. أضفت صندوق اختيار يشمل عامة كل ما أحتاجه لكتابة التدوينة: صور – القراءة المسبقة والبحث – روابط خارجية أو مصادر أدرجها وأخيرًا نص التدوينة ذاته. في الصندوق يمكنكم وضع علامة “صح” بعد الانتهاء من أي منها وبالتالي يمكنكم متابعة أدائكم وما الذي يستنزف وقتكم أكثر، وما المتبقي لإنهاء التدوينة.

العامود الأخير : حالة التدوينة. أضفت قائمة منسدلة تخبرني ماحالة التدوينة .. خيارات القائمة هي: تحت التنفيذ (In Progress) – مكتملة (Completed) – في حاجة إلى إلهام (lack of Inspiration ) – تحتاج إلى المزيد من المعلومات (need more Info ) وأخيرًا: منشورة (Posted).

في الأسفل أضفت مكان لكتابة بعض الملاحظات على الخطة، مثلًا قد يكون هناك تدوينات طارئة أحتاج للكتابة عنها ونشرها خارج المواعيد، وهذا بند المرونة. وعادة أضيف كل ملاحظاتي وانتقاداتي على تدويناتي وما يجب علي تحسينه من إملاء وصياغة جمل الخ الخ. وأشاء أخرى كثيرة. أيضًا أضفت مساحة لكتابة الأهداف العامة من المدونة، وما يجب بلوغه سنويًا أو خلال وقت محدد أرغبه.

دونكم الملف كما صنعته لاستخدامكم الشخصي: اضغط لتحميل الملف ، بإمكانكم تعديله كما يحلو لكم وبما يتلائم مع خطتكم التدوينية.

قياس النتائج وتحليل المعلومات:

حتى تعرف نتيجة جهدك يجب أن تقيسها ضمن معايير معينة تعتمد على هدفك. هناك أدوات احترافية لقياس بعض أهداف المدونات و تحليل بيانات الزوار ومعرفة من يقرأ لك ومن أين؟ وماذا يستخدمون هواتف ذكية ( مما يجعلك تراعي مناسبة القالب للأجهزة الذكية) ؟ أجهزة حاسب؟ جنس القراء وعدد الزيارات، وما الوقت الذي يمضيه الزائر في مدونتك و في كل تدوينة على حدة. أشهر هذه الأدوات هو Google Analytics استخدامه سهل وتصفحه أسهل ويقدم معلومات جدًا مهمة لقياس أهدافك إن كان مثلًا من بينها الانتشار أو الوصول إلى فئة معينة من الناس (فئة الشباب – الإناث – حسب الاهتمام الخ ). بإمكانك إضافتها في لوحة تحكم الوورد برس عبر هذه الإضافة أيضًا: Google Analytics by MonsterInsights

ماكتبته قد لا يكون بالشيء المفيد لمن لا يرغب بالتعامل مع مدونته بشكل منهجي أو جاد أو لا يريد من مدونته سوى أن يكتب كما يريد ومتى ما يريد، ولكني أتمنى أن يكون مفيد لكن من يرغب بالتدوين الجاد المنتظم ، ولكل من ينوي تطوير مدونته ويساهم في إثراء المحتوى، أو حتى من كانت مهنته blogger ويرغب بدخل مادي من التدوين. هذه مجرد نصائح بشكل عام تعلمتها وطبقت أكثرها ولاني أحب لكم ما أحب لي شاركتكم إياها. أرجو الإحالة إلى هذه التدوينة في حال مشاركة الملف مع الآخرين .