الباب الخامس والسادس من أبواب بروج الجميلة
لست أهتم بتاريخ المكان كثيراً إلا إذا كان محطا للجدل أو باعثا على الحماسة، لكن بلجيكا و بروج تحديدا لم يدفعني الفضول يوما لاكتشاف تاريخها ولم أكن أهتم، حتى وصلنا إلى بروج في يوم عطلة حيث تميل المعالم إلى الإغلاق فيتبقى لنا خيارات قليلة محدودة لاكتشافها، وكان أولها بروج هيستوريوم. كانت تجربة لا تنسى، مصممة بعناية واحترافية تأخذك فعلا إلى العصور الوسطى لبروج مع اهتمام دقيق جدا بالتفاصيل والتقنيات العالية.
عند المدخل ينتظركم هذا الرجل الذي يبدو حقيقيا لأول وهلة مرحبا بكم في المكان ويعدكم بالرجوع إلى التاريخ في بروج.
المكان عبارة عن متحف بصري إن صح التعبير عن تاريخ بروج مقدم على شكل جولة لمدة ساعة في أحد المباني التاريخية وقد استغل من الداخل لاستضافة السياح وطلاب المدارس لتقديم تاريخ بروج على شكل فيلم سينمائي قصير مصنوع بحرفية عاليا وبتصوير جميل جدا يقدم من خلاله تاريخ بروج اقتصاديا واجتماعيا من خلال قصة تروى عن أحد الرسامين آنذاك. من خلال الفلم تستطيع أن تكون صورة عامة عن الوضع في ذلك الوقت، عن الطبقات الاجتماعية ومكانة بروج في المنطقة في العصور الوسطى. كيف تدار البلاد و ماهي التجارة الرائجة وكيف كانوا يعيشون.
كانت جولة ممتعة جدا أبدعو في تصميم غرفها التي تنتقل بينها تبعا لأحداث الفلم مصحوبا بمسجل تستمع من خلاله إلى الفلم بعدة لغات ليس من ضمنها العربية. فمرة تدخل إلى غرفة تجد بها دمية عجوز نائم يتنفس 🙂 ومرة أخرى تقودك الأسهم إلى غرفة يتحدث عنها الفلم.
ومن فرط الاهتمام تستطيع أن تشتم الروائح التي يتحدث عنها الفلم في المكان ذاته فالقائمون على الهيستوريوم يهتمون كثيرا بتقديم تجربة فريدة للزائر بحيث يمكنه أن يعيش القصة بكل حذافيرا وروائحها، فيعمل الفريق على انبعاث الرائحة في مقطع معين من الفلم لتكتمل الصورة أمامك، ناهيك عن الاهتمام بالأصوات والأبخرة المتصاعدة. ثم تنتهي الجولة بمطل بانورامي على ساحة المدينة كان من الممكن أن أقضي فيه ساعات طويلة ولا أبالي. ثم متجر لتذكارات أنيقة ومميزة من بروج.
كانت تجربة لاتنسى أذهلتني في متعتها وفي إتقان كل شيء تقريبا قاموا بصنعه. أستطيع القول أن هذه التجربة لم تصنع يومي ذاك فحسب بل صنعت رحلتي إلى بروج بأكملها. أتمنى وبشدة أن تتبنى بلادي مثل هذه المشاريع ونستطيع أن نصنع أحسن من ذلك بكثير . نستطيع استعراض التاريخ بهذه الطريقة المميزة ولدينا المزيد لنبدع فيه ونعرضه.
إن كنت تنوي زيارة بروج فلا تنسى التفكير في زيارة بروج هيستوريم 🙂
ميمونة حسين
نوال يا جميلة :))
تعرفت على مدونتك منذ ثلاث سنوات تقريبًا عندما كنت أبحث عن رواية ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور رحمها الله وعندما قرأت مراجعتك دفعتني لقراءة الرواية ولم أجدها في المعرض فطلبتها من صديقتي في مصر . ومنذ ذلك الوقت وأنا متابعة لمدونتك التي تُلهمني وتمدني بروح إيجابية
أحب تصويرك وتصميمك جدًا ومراجعاتك للكتب .
دمتِ بحب و ود :))