لطالما كنت أحب البحث في الفنون الجديدة، شيء لم تراه عيني ولم تعرفه ذائقتي بعد. لذلك بين الفينة والأخرى أمضي وقت لا بأس به في التصفح في مواقع الإلهام بحثًا عن شيء جديد يجعلني أوغل في البحث عنه وأحظى بتلك المتعة التي دائمًا أنا في بحث عنها: متعة التعرف على شيء جديد، متعة التعلم والتطبيق.
خلال إحدى جولاتي بحثًا عن هذه المتعة، في موقعي المفضل Etsy وقعت على لوحات خلّابة، سرقت قلبي قبل عيني لفنانة اسمها : Sharon Nowlan من كندا تعرض لوحاتها المدهشة في متجرها. في لوحاتها البديعة كانت تستخدم الحصى، نعم الحصى لصنع فن ينطق ويعبّر . من حصى نعبر فوقه وقد نركله حينما يعترض طريقنا يصنع الفنان الكثير من الأشياء التي تحكي. جذبتني اللوحات والعناصر التي تستخدمها لذلك بحثت أكثر عنها حتى توصلت إلى ما يطلقون على هذا النوع من اللوحات : Pebble Art أو فن الحصى. لم أجد له تاريخ واضح أو مصادر واضحة حتى أعرف كيف بدأ وكيف تطوّر لكن يبدو لي أنه حديث و يعتمد بشكل رئيسي على استخدام الحصى الناعم في تشكيل لوحة تعبر عن فكرة أو خاطرة . سأضع بعض من النماذج الجميلة الخلّاقة لهذا الفن، من بعض أعمال شارون:
والكثير من الإلهام في بساطة أعمالها وسرعة وصولها للمتلقي تجدونها في موقعها ومتجرها الذي يمكنكم من خلاله اقتناء هذه اللوحات البديعة.
خلال بحثي وجدت الكثير من اللوحات المدهشة لهذا الفن والكثير من الإبداع:
لوحة بواسطة Donna Mansmann:
لوحات بواسطة الفنانة Medha Rode التي استخدمت عناصر عديدة غير الحصى في لوحاتها من ألوان و ورق:
ولوحات لا أعرف أصحابها:
كيف نصنع لوحات جميلة كهذه؟
يبدو بالنظر له سهل صحيح؟ لكنه كغيره من الفنون يحتاج إلى مهارة في تكوين العمل والعناصر، يحتاج إلى فكرة و شعور يخترق المتلقي، ولأنه فنّ فإنه لا شء يحدك لتصنعه.. تحتاج حصى يسهل التعامل معه وسطح مقوى قليلًا حتى تلصق الحصى وبقية العناصر عليه ويحتمل هذا الثقل. النوعية الملساء من الحصى أكثر ما توجد على الشواطئ لأن الماء حسب علمي يقوم بنحتها وصقلها، فتصبح مسطحة بالطريقة التي يمكن صنع منها أجسام مشابهة للواقع بعد تركيبها مع حصيّ أخرى. لكن بإمكانكم البجث عنها حولكم أو شراؤها من متاجر الأعمال اليدوية والديكورات والكماليات. أيضًا تحتاج إلى صمغ يجب أن يكون قوي حتى يتمكن من تثبيت الحصى وأي عنصر صلب آخر على سطح العمل سواء كان خشب أو قواقع الخ الخ، وجدت أن هذا الصمغ سيؤدي الغرض بشكل ممتاز: Multi-Use Glue. أي عنصر من حولك تجد أنه سيضيف لفكرتك وعملك. وأخيرًا مخيلتك :).
نظفوا الحصى بقطعة قماش مبتلة حتى نتخلص من الغبار وأي شوائب وأوساخ، ثم جربو وضع العناصر على قاعدة العمل قبل لصقه، حتى تصلوا إلى الشكل والتكوين المناسب لذائقتكم وفكرتكم ثم قوموا بتطبيق الصمغ وتثبيته بشكل جيد حتى يجف. قد تحتاج إلى صقل بعض العناصر من الأخشاب بمشرط أو بعض الأدوات البسيطة. بإمكانك استخدام لوح الكانفس كقاعدة وتلوينه باللون الذي تريد أو باستخدام ورق مقوى ملون واستخدام حصى أو تلوينه بما يناسبك.
تجربتي الأولى لفن الحصى :
لأن هذا الجمال أسرني، لم أشعر بنفسي إلا وأنا أبحث عن حصى مناسب لصنع لوحة بهذا الفن، لم أستطع الانتظار حتى أجده. وهذا ما يجذبني في هذه النوعية من الفنون، أنها تعزز فكرة الاستدامة والاستفادة واستقاء الإلهام من كل ما هو حولك، فالحصى يتجول إلى لوحة فنية فريدة على جدارك، أو رسالة إلى العالم عبر فكرة تشكلت في حصيات صغيرة كانت مهملة. الاهتمام بالموارد بهذه الطريقة والانتباه لكل ماحولنا يصنع الكثير من الجمال والحلول. قررت أن أبحث عن حصى من حولي، فلربما صنعت شيئًا خلابًا من عناصر لا تستخدم من حولنا. جهزت العدة للبدء بدون أي فكرة مسبقة معيّنة، فالتجربة أولى الخطوات للاتقان.
حينما أخذت أقلب الحصى بألوانه المختلفة وأشكاله خطر في بالي شيء يشغلني كثيرًا وكان هذا نتاج 10 دقائق فقط من العمل على اللوحة التي تحتاج الكثير فنيًّا وذوقيًا للنضوج. استخدمت لوحة كانفاس لونتها قديمًا وركنتها. حصى وجدته في أحد القطع الديكورية عند صديقتي في المكتب. وصمغ متعدد الاستخدامات:
صنعت هذه اللوحة لأن كل ما يشغلني هذه الفترة هو فكرة العنصرية ومن أين جاء بها الإنسان هل هي في طبيعته أصلًا كما كنت أؤمن ؟ وكيف نَمت؟ وكيف تشكلت وتطورت إلى هذه الطريقة العدوانية؟ كيف تعاظمت وبدأت تتحول من صورة نمطية عن الذات والجماعة والانتماء إلى حروب وإبادات و احتقار وانتقاص. قرأت كثيرًا في دراسات أجرت مسح دماغي ، وقرأت آراء كثيرة على الشبكة. العنصرية كمفهوم مجرّد هي فطرة في الإنسان توّرث وتُعلّم وتتطوّر بالملاحظة والخبرات السابقة. أصل التعنصر فينا والانتماء لعنصر أو جماعة طبيعي لكن التحدّي أن تصارع التلقائية في التحامل ضد جماعة أو عنصر آخر لم يطلك منه أذى، أو تحتقر عرق بشري آخر وتنظر له بدونية. قرأت أن المناطق في الدماغ والتي تتيح لنا معرفة أي مجموعة عرقية ينتمي لها الفرد تتداخل بشكل ملحوظ مع الجهات والخلايا التي تقود عملية إصدار القرارات العاطفية. مما يجعلنا جميعًا نتعنصر دون أن ندرك ذلك، ونتخذ قرارات وأحكام مختلفة مبنية في أساسها على الانتماء العرقي. هذا ما يفسر بشكل جيّد الصورة النمطية الدونية التي لدينا تجاه بعض الجنسيات الآسوية, يزعجني الحكم السريع على الهندي بأنه سائق، الاندونيسية عاملة منزلية، الأمريكي فاهم وناجح، الخ من هذه الأحكام التي لا يمكن القول بأنها صحيحة 100% ولا خاطئة 100%.
إن التحدي أن يكسر الانسان منّا ذلك الجزء الأحمق الذي ينسى أن أصل البشر هو واحد، أسود أبيض بني أو مختلط، فقير، غني، نسب وحسب، كلنا بشر وأصلنا واحد. لا DNA مخصص للبيض ولا السود، لا جينات مخصصة لجماعة دون الآخرى، الفارق فقط وجود خصائص جينية تتميز بها جماعات عن أخرى ولكنها ليست حصرية إطلاقًا. الفارق أن القوة الآن ترجح لصالح العرق الأبيض. لا يعرف ذلك الذي يحتقر السود ويستعبدهم أنه من الممكن جدًا في المستقبل القريب أن يتسيّد هذا العرق، فالقوة والسيادة لها موازين تتغير بشكل دائم. لا يعرف الواحد منا أن السائق والعاملة من الممكن جدًا أن يكون السيّد وصاحب البيت الذي نعمل عنده، حصل فقط أننا ولدنا وعشنا في زمن شاء الله لنا أن نكون في هذا المكان.
مها اختلفت مسمياتنا لبعضنا البعض، ومهما بنينا على تلك المسميات صور نمطية مهينة ومشينة إلا أننا بالنهاية ننتمي لذات العنصر، لذات العرق.. الانسانية.
We now know that the way we talk about race has no scientific validity. There is no genetic basis that corresponds with any particular group of people, no essentialist DNA for black people or white people or anyone. This is not a hippy ideal, it’s a fact. There are genetic characteristics that associate with certain populations, but none of these is exclusive, nor correspond uniquely with any one group that might fit a racial epithet. – Adam Rutherford.
بعض المقالات التي قرأتها :
Why racism is not backed by science
Harvard Scientists Studied the DNA of White People, and Found Something Truly Surprising
Racism is ‘hardwired’ into the human brain – and people can be prejudiced without knowing it
ادم
جميل… جميل جدا
فن سهل و جميل قد يدخل في السهل الممتنع.. و بامكان اي انسن ممراسته شرط ان يكون بداخله نظرة فنية.
العنصرية فكرة قديمة تكونت من خدمة المغلوب للغالب و فكرة استعباد القوي للضعيف و تطورة عبر التاريخ لاسباب اقتصادية و جنسية …. ثم استفخلت و اصبحت فكرة طبيعة في بني البشر الى يومنا هذا
afaf
الله يعطيكي العافية,مواضيعك تدل على رقيك
سارة الحمدان
ألله أللله تصيح اللوحات من جمالها وكمية الخيال للي فيها !
جميلة جدًا !
أماني
جمممميله جدا ”
مميزه ي نوال استمري وواصلي 💞
Soso younes
ابداع 👌👌
اعتقد انه امتداد لفن الرسم بحجارة الشاطيء