السلام عليكم أصدقاء المدونة. مررت ولازلت أمر بمرحلة ملل شديد من العمل وروتينه، غابت التحدّيات، وحضر التكرار و البيروقراطية والتركيز على وقت الحضور بدل الانتاجية. لا جديد يُتعّلم وأظنها مرحلة يمر بها الجميع خصوصًا بعد قضاء أكثر من 4 سنوات عمل في نفس المنشأة، لأن المعدل يقف عند حدودو 4-5 سنوات. صرت أفكر في الاستقالة والإجازة بدون راتب بحثًا عن حل مجدي حين يتيسر لي تغيير العمل والحصول على فرصة أفضل. فكّرت باستخدام بعض ما تبقّى لي من رصيد إجازاتي، عوضًا عن السفر قلت سأجرب أن أهب دماغي فترة راحة، أعيش أيامي بدون منبه الصباح، بدون مواصلات وازدحام الرياض المجنون. أنسى العمل وروتينه لفترة لعلّ وعسى ينبض فيني من جديد رغبة في الإنجاز كما في السابق. تمتّعت بأسبوعين قبل أن أعود للعمل مرغمة، مارست فيها نشاطاتي التي سرقتني منها ساعات العمل الطويلة. وأعدت بعض من طقوسي القديمة بعد التخرج وقبل العمل المنتظم.
عودة الفطور الملكيّ:
فترة الصباح الباكر هي أفضل أوقاتي في اليوم، النهوض بدون منبه حتّى لو باكرًا جدًا كفيل بجعلي أشعر بنشوة عظيمة. كنت أستيقظ باكرًا ولكن بدون العجلة في التحضير للذهاب للعمل، بدون الركض للحاق بموعد الحضور. أستيقظ على مهل، أعتني بنفسي على مهل. أُحضّر لنفسي فطور ملكيّ لا يُنسى. بدءًا من البانكيك والذي لن يصبح شهيًّا إلا إذا أُعدّ وتم تناوله في ذات اللحظة. وانتهاءًا بساندوتشات أبذل فيها مجهود تحضير أكثر لأنه ببساطة لدي متسع من الوقت. فجبن الحلوم يصبح
مشويّا مع الطماطم بدل أن أتناوله كما هو. حضّرت خلالها كل أطباقي التي أحبها على الفطور والتي تمنحني لحظات مميزة في بداية اليوم، مع مشاهدة مسلسل خفيف أو محاضرة لتيد ملهمة. جربت فيها أنواع الشاي التي حصلت عليها من لندن المرة الأخيرة، تذوقته بحذر وكأني لورد انجليزي يتفحص مزارع الشاي خاصته في الهند. لم يكن الفطور أمام جهاز الكمبيوتر حيث أعمل، ولم يكن على طاولة العمل وأنا أتلقٌى اتصالات تمنعني من إكمال لقمتي العالقة، بل كان في منزل، على منضدة القهوة بصحبة ما أحب.
راحة جسدية وذهنية:
لا نزاع حول هذه النقطة، الخروج للعمل بقدر ما يُعطي لكنه يسلب الكثير منك أيضًا. يسلب من صحتك، من طاقتك و قدرتك العقلية والجسدية. تجيء أيام كثيرة أعود من العمل بدون أي رغبة في الحراك، أو مقابلة أحد، أريد أن أتمدد وأنسى كل ضغوطات العمل، والأشياء التي عليّ فعلها بقية الأسبوع. مع الإجازة ، عاد صفاء الذهن، عادت الراحة الذهنية والجسدية. لم يرغب جسدي بالتمدد دائمًا كما كنت سابقًا، فبالعكس أصبح لدي طاقة أكبر للحركة داخل المنزل وخارجه، للعمل وترتيب الحاجيات و فرز الكثير من الملابس التي لم أعد بحاجتها والتجديد في المنزل بما أستطيعه. تبخير البيت وتعطير الغرف أصبح عادة يومية أستحقها وأستمتع بها. خفّت آلام ظهري لأن جلوسي على المكتب لفترات طويلة انعدم وتحسّن نمط نومي ولله الحمد.
وقت للصفاء:
أنا من أولئك الناس الذي يخشون القهوة، فلا أمل لي في تناولها إلا في ساعات الصباح الأولى خشية أن تؤثر في نومي. ولأن بيئة العمل تكون مزدحمة باجتماعات ومهام فيصعب علي تحضير القهوة صباحًا. أما وأنا في المنزل، مختلية بذاتي فأصبحت القهوة العربية ضيفتي في أيام كثيرة، مع تجربة شوكلاتة جديدة، أو نوع تمر أحبه ويتماشى مع القهوة العربية. دائمًا تعني لي القهوة العربية الصفاء، لأنها ارتبطت في ذهني بقهوة المغرب مع والدتي واخوتي في منزلنا. فترة المغرب تكون للصفاء والتحلق مع العائلة حول مائدة قهوة عربية بسيطة. كسبت أوقات صفاء مع نفسي والتفكير بما يشقيني ويسعدني. ترتيب الأولويات البسيطة والبعد عن زحام يومي كنت أعيشه مع العمل. يمر أوقات على الواحد منا أقصى مايريد التفكير فيه هو فنجان القهوة الأشقر أمامه ، وكيف يستلذ به.
وقت للقراءة:
لربّما كان هذا هو أكثر انتاجي خلال فترة الراحة في المنزل. تصالحت مع القراءة وأصبحت أقرأ أكثر من قبل. أقرأ أيام الأسبوع وفي ساعات الصباح مع قهوتي في لحظات الصفاء. جددت العهد بقراءة كتاب تلو الآخر، والحماس لالتقاط كتاب جديد والحيرة اللذيييذة عندما تقف أمام المكتبة لتختار كتابك القادم، حين تقع عينك على عنوان يثير حماستك لبدء الكتاب. اشتقت للقراءة بنهم وهذا أحد ما سلبه مني العمل في أيام الأسبوع. القراءة مضاد حيوي للملل والرتابة والكآبة. أشعر أني أبحر وأبعد بعيدًا حينما أقرأ كتاب جيّد. تمدّني بذلك الشعور الذي يجعلني متطلعة اليوم كله إلى تلك اللحظة التي أمسك فيها الكتاب الثمين من جديد وأسافر مع صفحاته وأكتشف مناطق جهلي أكثر، وإلهامات أكبر.
المزيد من التنظيف الجيد والترتيب:
أحب التنظيف و أن يكون المنزل في حالة ترتيب دائمة، ولكن هذا أمر شبه مستحيل بساعات عمل طويلة وعدم الاستعانة بعمالة منزلية. أيام العمل أكون منهكة جدًا ولا أقوى على عمل مهام متعددة في المنزل كالطبخ والتنظيف والكنس والتعقيم، فاكتفي بتنظيف جزئي أوزع مهامه على بقية الأسبوع. أما مع الوجود في المنزل بدون مقاطعة ساعات العمل فلديّ المزيد من الوقت للتنظيف العميق، للكنس يوميًّا والمسح وتعقيم الأرضيات وتعطير المنزل.. غسل الملاءت أكثر، و ترتيب كل فوضى صغيرة أو كبيرة كانت. إعادة ترتيب الخزانات والتغيير في شكل الأثاث وتوزيعه لمزيد من التغيير المحبب. صرت أطبّق كل الحيل التي أشاهدها في بنترست للتلميع والتنظيف وترتيب خزانات المطبخ. لحظت أني أنجز في نصف يوم فقط في أيام إجازتي لأعمال المنزل ما أنجزه في مايزيد عن الأسبوع خلال أيام العمل! هذا الأمر يعطي تقديرًا كبيرًا للمرأة العاملة بدون وجود عاملة منزلية، لأنها تبذل مجهود مضاعف في زيادة الدخل والاهتمام بالمنزل. توقفوا للحظات دوريّة واشكروا زوجاتكم وأمهاتكم على المجهود البدني العظيم والذهني أيضًا. إن ما يفعلنه ليس بالسهل والمرء يحتاج الشكر والتقدير بين الحين والآخر.
المزيد من العناية بالنفس:
أصبحت أعتني بنفسي بشكل أكثر، وبمزاج أكثر هدوءًا. سنحت لي الفرصة لتجريب كل منتجات العناية التي حصلت عليها مؤخرًا، والشعور بالغبطة حين أضع ورقة القناع على وجهي. حتى ولو لم أحصل على نتائج رائعة كان يكفيني ويغنيني شعور أني في لحظات دلال للنفس، في لحظات استرخاء واهتمام بنفسي. باختصار صار لي “الخلق” على المداومة في العناية والاهتمام وعدم إهمال نفسي وسط كل هذا الزخم. صار الاهتمام بالنفس طقس روحيّ جميل أكثر من كونه واجب وحاجة.
الطبخ بمزاج:
كنت أطبخ يوميًّا ماعدا يوم الجمعة، وأتفنّن في الأطباق. أُخرج أواني جديدة وأنسقها سويًّا. جميع المكونات طازجة واستغنيت عن الفريزر وثماره لأنه ببساطة لدي الوقت والمزاج للتقطيع بشكل يومي. أصبحت وجبة الغداء المتأخرة وجبة أتطلع لها وأتخيل كيف سيكون مذاق طبختي الجديدة اليوم. نوّعت أكثر في الأطباق، و صرت أهتم بالسلطة بشكل أكثر. جربت أطباق ومكوّنات جديدة لطالما كنت أنوي تجربتها.
****
أنا الآن أصف الأيام بدون عمل كَلفتَة بسيطة لكل سيدة لاتعمل وتعتقد أن العمل هو منقذها الوحيد. لديك من النعم الكثيرة التي تصبح مسلمات تحتاج إلى تقدير، كما لدى المرأة العاملة النعم ذاتها ولكن بشكل مختلف. صحيح أن العمل يهبك استقلال مادي، والاختلاط بأنواع مختلفة من البشر بشكل أكبر، لكن عدمه لن يسلب منك أي من نجاحاتك أو تقديرك الذاتي أو حتى إنتاجك بأي شكل كان. فلكلّ حالة مميزات وعيوب. لديك الصفاء الذهني والراحة من ضغوط العمل والتي ستزول غالبًا بعد استلام عمل براتب شهري. لدينا الكثير من المجالات لتحقيق الذات والوظيفة واحدة فقط من مئات هذه الطرق. هذه دعوة لنفسي أولًا لتقدير العمل وتقدير الأيام بدون عمل فكلاهما يضفي علينا الكثير من ما كنا نجهله ونفتقده. هذه لفتة أيضًا لكل من يعمل بأن يجرب ولو لمرة أن يستقطع وقتًا لا يقل عن أسبوع يستكين فيه إلى نفسه، يمارس طقوسه في المنزل وفي مدينته. يعيش فترة سبات حتى يستيقظ بشكل أفضل من قبل.
أم محمد
وصفتي شعوري وأضيفي إليه ..
الذهن الصافي لتربية الأبناء والتعاطي معهم ومع العالم ومع والدهم :/
العمل يأخذ منك أكثر مما يمنحك إياه
شيء لا تشعر به إلا المرأة العاملة *
Faisal
عزيزتي نوال لا تستسلمي وتقدمي استقالتك
اتذكر جيداً تغريداتك قبل 4 او 5 اشهر كنتي تتحدثي عن نفس الموضوع
يبدو لي ان العنصر الذي جعلك تكهرين العمل ما زال متواجد لذا لا تستلمي له بل اصبري الين يذهب او انتي تذهبين الى فرصه افضل/ او قسم اخر لكن خيار الاستلام وتصديق كذبه الراحه في المنزل ستندمين عليها بعد اسبوعك الثاني او العمل كفري لانسر
عملي الاخير مديري مارس على ابشع انواع الظلم لمدة 7 اشهر وفي بدايه السنه الميلادية تغير كل شي, انتقلت لقسم جديد تم تدشينه وتمت ترقيتي وزاد راتبي اما الكريه مديري السابق الغيت جميع صلاحياته وبعد شهر دمج مع ادارة اخرى واصبح مديراً في الماضي وموظف عادي عن دايركتر القسم
لذا لا تسسلمي
اهتمي في ملفك في لنكدن وسيهتم فيك
ابحثي عن عمل اخر وفي نفس الوقت اذا في امكانية ان تغيري قسمك فغيري لكن لا تستلمي له/لها
Nawal AlQussyer
اظن انك لم تفهم المقصد من التدوينة 🙂
Faisal
هههههههه
اليوم سمعت خبر استقاله اثنين من ارهب الموظفين بسبب (التطفيش) ولما قريت بدايه التدوينه توقف وكتبت ردي السابق من الحره دون استكامل البقية
اعتذر عن الدرعمه وبرجع اقراها من جديد
تحياتي -:)
R
كنت على جريف.
العنود
صحيح لكن ماتحسين فيه هو التعود والروتين وبمجرد ان جربتي ان تكوني بدون عمل احببتي تلك اللحظات لانه شي جديد عليك ولااقصد انك لااول مرة تسوينه بس المقصد انك لااول مرة تكون حياتك بهالشكل .. نفس هالاحساس الي تحسينه بروتين العمل احسه بروتين البقاء بدون عمل
سين
حقيقة قمت بتجربتها فترة بأخذ اجازة اسبوع من العمل لانه بلا مبالغة رأيت شيب جديد في رأسي بعد شهرين من الضغط المستمر في العمل. الاجازة كانت جميلة و مريحه لكنها في الحقيقة ليست الحل المستمر لحالتي. بعدها أيقنت أنه يجب علي البحث عن فرصة أخرى سواء داخليا أو خارجيا
بالطبع أوصي بأخذ إجازة منزلية للراحة من ضغوط العمل لانها فعلا ساهمت في جعلي أرى حقائق كنت لا أراها و ممارسة هوايات نسيتها
و لا أنسى فتح مدونة كانت في قائمة المهمات منذ سنوات!
تونا
التغيير دائماً يعطي شعوراً مختلفاً جميلاً 💜
قضيت الـ ٥ سنوات الماضية بدون عمل وظيفي (بس كنت أم وربة منزل وهادا أكبر عمل هههه) لكن الوظيفة احساس افتقده جداً، لأني لم التحق بوظيفة منذ تخرجي 💔
لذا على عكس تدوينتك أنا بحاجة لمعرفة كيف تبدو الحياة بـ العمل؟ 😁
هديل
تدوينة جميلة جدًا كنت أقرأ واتنفس بعمق ، كلامك يمثلني كثيرًا في اجازات نهاية الاسبوع خاصة نهاية العام الدراسي بعد الانتهاء من أغلب المهام ..
الآن سعيدة لأني أقرأها بداية اجازتي الصيفية ، وأتمنى لو كل ربة منزل تقرأها 💜
فاطمة 85
العمل ! هو الحلم الذي جعلني أجر سنوات الدراسة مرغمه .. راغبة في تحقيقه .. واليوم بعد تسع سنين من التخرج ببكالريوس في علوم الحاسب مع مرتبة الشرف وأربع صغيرات ، اكتشفت ان شغفي بالعلم والتعلم وتطوير نفسي ومتابعتها أمتع وأحب إلى قلبي من العمل ، – ،و ان كان الراتب العملاق والمناصب الفاخرة تغريني كثيراً من وقت لآخر ،- ولكن تظل حريتي وملكيتي التامة لوقتي وجهدي أحب وأثمن إلى نفسي من أي شي آخر .. دايما ما تُثريني و تثيرني مقالاتك نوال .. كل الحب
زينب
تدوينة جميلة جداً و اعطتني شعور بالسلام طول ما أنا أقراها
ابادلك الشعور و استشعر فعلياً الكثير من المميزات في أيام الإجازات
و أحب الاختلاف الذي اعيشه بين أيام الدراسة من عدمها
شكراً للمشاركة 💕
سمير
انتضر لما تنفد منك النقود قد تغير الدولة كلها و ليس اامدينة فقط ان اعرف ناس هاجروا بعيد عن امهم و حتى زوجاتهم.طلبا للمال لان ااحرية غير ممكن بدوم مال حتى السفر يصير غير ممكن حتى قهزةوغير ممكنة بدون مال حتى ااصدقات غير ممكنة بدون مال