ياني العندليب

لطالما كان لدي تقدير مختلف للموسيقى – رأي شخصي ولا أناقشه 🙂 – أشعر أنه باستطاعتها أن تنقلني إلى حالة أخرى، أكون فيها أكثر سلاما وأقل توتراً.. ولطالما وددت أن أحضر حفلا موسيقيا مميزا للموسيقار المختلف ياني :). كنت أبحث دائما عن أقرب مكان سيقيم فيه حفلا موسيقيا ولا أجد مكانا أو وقتا مناسبا حتى فتحت الموقع الخاص به ذات يوم وأتفاجأ بإدراج حفلة لياني في مدينة الشارقة الإماراتية في نوفمبر الماضي. بدون تردد قررنا الذهاب كونها أمنية مشتركة بيني وبين زوجي لحضور: ياني + اندريا بوتشيلي.

كنت أتوقع أنه بمجرد حضوري لحفل موسيقي واحد له سيكون كافي، ستكون التجربة وحيدة وليس هناك داعً لتكرارها لكن بعد أن خرجت من الحفل أدركت أني مخطئة تماماً :]، تكرار الحضور والاستماع للفنان مباشرة وهو يعزف أمر أجمل من ماتخيلته وجدير بالتكرار مرات ومرات .

ياني موسيقي وعازف عظيم، لم يتلقى تدريباً ولم يكن يستطيع أن يقرأ النوتات الموسيقية. تعلم العزف بنفسه ولم يجعل أياً من ذلك عقبة في طريقة. أحب ياني الموسيقى و وجد فيها مايعبر عن إحساسه العالي.. ياني يشرك الطبيعة في معزوفاته، ياني يخترع لغة عالمية يفهمها البشر والطيور. ياني يحب موسيقاه، قالت مرة الجميلة إحسان: ياني جسمه كله يعزف، وأنا أرى أيضا أن شعره يعزف. ياني قائد لفرقة لاتستطيع إلا أن تلاحظ حبها واندماجها مع الآلة بشكل ملحوظ جدا. تناغم الفرقة الظاهر على المسرح وتعاونهم وطريقة إبراز ياني لهم ولمواهبهم ومداعبتهم بين الحين والآخر شيء يعجبني جدا. مهما كنا نختلف في حكم الموسيقى والخ. لكن الجميل أننا نستطيع أن نستقي الإلهام من تجارب الآخرين وقصصهم. وحبهم لعملهم وإخلاصهم فيما يقدمونه.

هل تتخيل أن الشخص الذي لم يتلقى تدريبا ولم يعرف أو يهتم بالنوتات وقوانينها ليعزف مثل هذا الجمال المستوحى من عندليب ؟ – الفيديو غير مناسب لأحبائي الذين لا يستمعون إلى الموسيقى (L) –

—

وهذه أيضا أحد مقطوعاته المفضلة لدي بدون منازع، يسبقها مقطوعة العندليب أعلاه. تبدو أجمل بكثير حين تستمع إليها مباشرة من العازف. تعبيراته ومشاعره الظاهرة في حركاته أثناء الأداء جعلتها أجمل وتصل إلى القلب مباشرة. أرجوكم انظروا إلى هذا الشغف الظاهر في كل حركة ، الظاهر في وجهه وتفاعل حركات جسمه مع كل نغمة ولمسة على البيانو 🙁 تمعنوا في حاجباه كيف يرقصان !

كان الحضور منتعش ومضحك :] فبين كل مقطوعة وأخرى كان لابد أن يصرخ أحد من الحضور ويقول: ياااني أحبك، فيرد ياني بضحكة ويقول وأنا أحبك أيضا. أعجبني جدا احترام الطاقم للمكان فجميع النساء توشحن غطاء على الأيدي بحيث لاتبدو الملابس فاضحة أو تظهر أكثر من مايجب، و أتوقع أن هذا من قوانين المنظمين في الشارقة. المكان كان رائع فمن خلفنا البحيرة الجميلة الهادئة وقاعة المجاز مصنوعة بعناية جدا وحمدا لله لم يكون الطقس شديد الحرارة في نوفمبر.

كانت تجربة رائعة أضافت لي الكثير، افتقدت تواجد مثل هذه الأشياء في بلدي فليس لدينا أي تقدير للفن أو الترفيه سوى المطاعم والأسواق. لماذا علينا أن نتكبد عناء السفر حتى نحظى بمثل هذه اللحظات الرائعة ؟