الآية السادسة عشر.

لا أؤمن بالصدفة إطلاقا.. ولا أؤمن أن الأشياء التي تحدث هي مجرد : حظ اعتباطي / عشوائية / بدون سبب / صدفة. كل شيء في حايتنا من أسرع نظرة إلى أكبر تحول يحدث ضمن خطة محكمة لحياتنا.. يحدث كأفضل ما يكون ويحدث في أفضل وقت ومكان ولو لم ندرك ذلك.. وبما أني لا أؤمن بمبدأ الصدفة ، هذه الآية تحتل المركز الأول في ذهني هذه الأيام لأني أشاهدها كثيرا فيما أقرأ .. وأسمعها من عدة مقرئين عبر إذاعة القرآن من راديو أمي.. أسمعها في نفس اليوم أيضا الذي قرأت فيه سورة طه.. أشاهد أحداثا تجري حولي ولا أملك تعليق سوى أن أقول: ” ثم جئت على قدر ياموسى ” .

كلنا نعرف الذل والهوان الذي تعرض له بنو اسرائيل خلال إقامتهم في مصر تحت حكم فرعون. ونعرف تماما مدى وطأة القهر الذي يشعرون به.. والله لايعبد والآلهة مزيفة باسم “فرعون”. كل شيء كان فوضى.. الروح والجسد عبارة عن فوضى بحاجة إلى ترتيب في أسرع وقت.. بحاجة إلى نبوة ورسالة سماوية تنظم كل الفوضى وتزيح كل الظلم وتعطي كل ذي حق حقه.. مع شدة الحاجة إلى “وضع” جديد وشدة الحاجة إلى “حدث” ينقذ الظالم والمظلوم من هذه البيئة.. لكن كل شيء بقدر.. وبقانون.. كل شيء لا يأتي صدفة ولا بدون تخطيط ولابدون تقدير لمصلحة العباد.. كل شيء بقدر.. ” فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت علي قدر ياموسى “. رغم الحاجة ورغم الاضطرار ورغم انا لاندرك الحكمة من التأخير أحيانا لكم كل شيء بقدر.. كل الأشياء مهما كانت ومهما بلغ صغرها أو كبرها تأتي في الوقت المناسب تماما.. قولوا لي ما أكبر من حاجة العباد إلى نبي يخلصهم .. إلى شريعة تنظمهم وترفع قدرهم.؟ إلا أن المقادير بيد القادر.. المقادير والمجريات بيد الحكيم الخبير الذي هو الأعلم.. الألطف.. قد نقول لماذا لم يأت بسرعة ؟ هل لأنه لن يأت ِ أبدا ؟ هل لأننا لانستحق أن يأت ِ ؟ لكن كل هذه الأسئلة ليس لها جدوى إن قرأنا ” ثم جئت على قدر ياموسى ” . لأن إن نحن بذلنا الأسباب وتوكلنا على الله و واصلنا الدعاء حينها يجب أن نثق ثقة مطلقة أن ماعند الله خير.. وأن كل شيء سيأتي في وقته المناسب لنا نحن ..

تريحني هذه الآية كثيرا.. عندما أشعر بتأخير وصول أمنية / بُعد تحقيق حلم / تأخر حدوث أشياء أريدها في حياتي.. أتذكر هذه الآية وأبتسم بكل يقيني .. كل شيء سيأتي في الوقت الأنسب على الإطلاق .. الأشياء ستحدث في أجمل صورة تناسبنا وتناسب حياتنا وتكويننا النفسي.. كل شيء -وأعني ” كل شيء ” حرفيا – لن يتأخر إلا لمصلحتنا ولن يُعلّق حدوثه إلا لأنه سيحدث فيما بعد بوقت أنسب وبظروف أجمل واستعداد منا أجمل..

هل تشتكي تأخير أشياء كثيرة في حياتك ؟ الكثيرون مضوا والكثير من الأشياء تحدث للذين حولك ؟ لا بأس سيأتيك ما هو أجمل – وأقسم لك على ذلك – لكن ربما ليس الآن.. ربما ليس غد أو بعد غد.. ربما ليس بعد سنة ! لكن ما أنا متأكدة منه أنها ستحدث في وقتها المناسب تماما تماما. لا أقل ولا أكثر. وعندما تحدث ستقول : اللهم لك الحمد أن قدرتها لي في هذا الوقت وهذا المكان وهذه الظروف.. كنت جاهلا ياربي عندما استعجلت.. كنت لا أدرك يا الله حكمتك ولطفك الخفي.. لا شيء يتأخر عن العبد الممتلئ باليقين.. لا شيء يُمنع عن العبد المؤمن.. إنما هي مقادير لمصلحتنا نحن لاغير، إنما هي منع مؤقت لعطاء “أجزل” عما قريب.. إنما هي ترتيب الأحداث بما يتناسب مع مصلحتنا التي قد لانعرفها. وليس بما يتناسب مع مانريده بكل جهلنا وضيق أفق الرؤية..

دعونا نستودع الله أمنيتنا ونطلبه الاستجابة مع قوة اليقين وليرسلها لنا متى ماشاء تبارك وتعالى .. لأننا نؤمن بشدة وبكل يقين أوتيناه أن كل شيء يحدث بقدر ولحكمة .. كل شيء حدث / سيحدث / لن يحدث هو للأفضل لنا.. لإيماننا.. لحياتنا.. لمن يحبوننا.. لأننا نعلم تماما أنه مهما أردنا إلا أن حكمة الله فوق كل شيء ومشيئته فوق كل مشيئة وإرداته نافذة. لأننا نعلم أنه لا أحد يحسن تدبير مقادير حياتنا كخالقنا..

لاتحزن.. كل الأشياء ستحدث في وقتها الأنسب على الإطلاق.. في مكانها الأنسب على الإطلاق.. في اليوم الأنسب في الساعة الأنسب.. في النفسية الأنسب.. لا تحزن ..ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.. لا تحزن .. كل شيء في وقته سيجيء..