مشروع سبتمبر : ٣٠ كوب شاي أعشاب / الجزء الأخير

****

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. اليوم أنشر الجزء الأخير من مشروع شهر سبتمبر، شرب شاي الأعشاب يوميًّا. قاطعني السفر خلال هذا الشهر لكن ظللت مخلصة للمشروع ولكتابة المدوّنات بطريقتي الخاصة :D. والآن عندما أنهيت شرب الثلاثين كوب في جميع الظروف والأيام أستطيع القول بملئ فمي : كم أنا سعيدة.. سعيدة بهذه التجربة الجميلة، بتذوق نكهات جديدة تمامًا، بتجديد العهد مع نكهات لطالما أحببتها، بالالتزام بشيء معيّن خلال شهر كامل.. بإعادة استخدام أكوابي الأنيقة التي تملأ المنزل. بالتصالح مع الكاميرا مجددًّا ومع فكرة التصوير الداخلي وانتقاء العناصر والإضاءة بعد أن نسيت كل هذا، بالبحث والقراءة عن الأعشاب التي أختارها و تأثيرها صحيًّا وتوسيع مداركي، بمشاركة التجربة معكم أصدقائي وبإثراء المدوّنة وإمتاعكم.

وحتّى أختم المشروع كما ينبغي أدعوكم لتحضير كوب من الشاي كما تحبونه وقراءة هذه التدوينة على مهل بصحبة كوب الشاي ، فلابدّ من إثراء نفسي وإياكم بمعلومات عن تاريخ شاي الأعشاب خصوصًا، من قراءاتي المتفرقة وجدت أن شرب شاي الأعشاب والتوابل يعود إلى مصر والصين في عصورهم القديمة جدًّا. استخدموها في التداوي بالأعشاب ثم تطوّرت حتى أصبحت ثقافة وجزء من طقوس يومية. في سيريلانكا أيضًا، يعتبر شرب شاي الاعشاب تقليد شهير جدًّا للتداوي بالأعشاب التي تنبت في أرضهم ثم تحوّلت كغيرهم إلى طقوس يوميّة للمتعة واجتماع العائلة والأحباب.

الشاي من المشروبات التاريخية التقليدية لدى أكثر الشعوب، وكل شعب يصبغه بطبيعته أو بما يحبه، أو يدمجه بما يراه في طبيعته وما يناسب ظروفه فيكون خلّاقا في ذلك كشاي القينمايتشا الياباني في الجزء الثاني من المشروع. للجميع طقوسهم المختلفة في الشاي، تناوله بمرارة، أو بسكر أكثر أو معتدل، إضافة نكهات أخرى، أو شربه باردًا أو ساخن جدًا، أو حتى الاختلاف على أفضلية مصدره: صيني أو سيلاني الخ. كتب الكثير من الكتاب عن طقوسهم في شرب الشاي وكان لجورج اورويل الروائي البريطاني الشهير مقالة بعنوان : “كوب لطيف من الشاي“يلخص فيها وصفته المفضلة لإعداد الشاي، من خلال 11 خطوة مفصّلة ألخصها بـ: يجب أن يكون الشاي سيلاني أو هندي، يجب أن يُصنع بكميّات قليلة، يجب أن يُسخّن الابريق مسبقًا، يجب أن يكون الشاي ثقيلًا، ضع الشاي مباشرة في الوعاء من غير تصفيته، ثم ضعه على الماء المغلي حديثًا ، حرك الشاي أو رج القدر ثم دع الأوراق تهدأ، عند إضافة الحليب، انزع القشطة من الحليب، واسكب الشاي أولاً ثم الحليب، وأخيرًا يجب أن يكون الشاي بدون سكّر. شاركتني صديقة المدوّنة آمنة في التعليقات على التدوينة السابقة بفيديو يشرح باختصار طريقة تحضير جورج اورويل للشاي:

ترجمة المقالة: واحد شاي من يد جورج أورويل.

شاركتني المدونة الفذّة إحسان وصف الكاتب الصيني “لو تونج” للشاي في القرن الثامن الميلادي:”القدح الأوّل ملطّف ومهدّئ لي، الثّاني: يبدّد شعوري بالوحدة، الثّالث: أبدأ في البحث داخل روحي، وأعثر على خمسة آلاف مجلّد من الكتب الكبيرة القديمة، الرّابع: أحسّ بتعرّق خفيف يغسل الأشياء المؤلمة، الخامس: أحسّ بتطهير عظامي وعضلاتي، السّادس: أقيم الاتّصال بالأرواح الخالدة، أمّا القدح السّابع فيجب ألاّ أشربه، لأنّ نسيمًا أثيريًا بدأ ينبعث من بين أصابعي الممسكة بالقدح.”

شخصيًّا: أحبذ الشاي الأحمر بالسكر، لا أستطيع استساغته بدون سكّر. أما شاي الأعشاب الأخرى فلا أستطيع تقبله بالسكر. أحب أن أشرب الشاي الأحمر في كأس زجاجي شفاف، مع تغطيس كيس الشاي عدة مرات حتى يظهر الطعم واللون كأجمل ما يكون ثم أتخلص من كيس الشاي وأبدأ في شربه ساخنًا ويصبح أجمل على سفرة الفطور الشرقيّ المعتاد.

سأتحدث في البداية عن تجربتي للأعشاب التي اقتنيتها من جزيرة بالي خلال رحلتنا الأخيرة لها. منطقة Ubud شهيرة جدًا بأنها مكان للعلاج بالأعشاب ومشهورة بمزارعها التي تنتج مثل هذه الأعشاب وأغلبها عضوية. تجد مزارع لأُناس محليين يستقبلون السيّاح للتجول في المزرعة ومشاهدة كيف يتم إنتاج بعض الأعشاب، وفي النهاية تذوّق لكل ماتنتجه المزرعة من الأعشاب ثم لك أن تشتري من متجر العائلة المتواضع ما طاب لك. اقتنيت منها كثيًرا، لاستخدامي الشخصي وبعضها لأمي ، والبعض الآخر هدايا بسيطة ومميزة. تحدثت عن شاي الكركم مسبقًا والآن للبقيّة:

شاي المانقوستين / Mangosteen Peel Tea

فاكهة المانقوستين كانت اكتشاف رائع ومبهج لي، عرفتها أيام دراستي في الجامعة حين كنت في زيارة لمنزل صديقتي نور، قدمت لي الفكاهة الغريبة هذي ولم يكن لدي أدنى معرفة بها، وحتى اسمها بدا غريبًا علي. قشّرنا الفاكهة سويّا ولم يدر بخلدي أنها ستكون أحد فواكهي المفضلة حتى يومي هذا. كانت منعشة جدًّا وجميلة، وطعمها يجلب البهجة. المانقوستين تباع لدينا بسعر مرتفع كونها مستوردة وموسمها محدود، إن لم تجربوها من قبل فأنصحكم بتناولها في أقرب وقت. لم يخطر لي أن يكون للفاكهة شاي، ولكن خلال زيارتنا الأخيرة إلى جزيرة بالي، تذوقنا شاي المانقوستين ضمن مجموعة متعددة من الأعشاب الأخرى، أسرني الطعم واللون والشعور الذي شعرت به بعد ما أنهيت كوبي. كان لزامًا بعدها أن أتبضع من هذا الشاي مايكفيني ويسدّ حاجتي للانتعاش لمدة طويلة. قرأت عن فوائده التالي: يساعد في عدم ظهور علامات تقدم السن، يحارب الالتهابات والعدوى، يقي من الزهايمر، يعطي طاقة، يخفف من التوتر والاكتئاب، يحفز نمو خلايا الدم الحمراء وغيرها من النتائج الإيجابية.

الكوب اقتنيته أثناء فترة هوسي بالفراشات ونظرية أثر الفراشة ، كنت ولا زلت أؤمن بنظرية أثر الفراشة. بدأت وقتها مقتنياتي يغلب عليها فراشات برسومات بطابع أنيق من دفاتر وأكواب وملابس. أحب ذلك، أحب حينما تحمل المقتنيات معنى نؤمن به، أو رمز ليذكرنا بهدف نسعى له، أو فكرة نتذكرها فنمارسها. الكوب أملكه منذ مايقارب الست سنوات، أمنيتي الوحيدة فقط أن يكون لدي منه اثنين.

شاي الزنجبيل

هذا شاي آخر من بالي أعجبني بعد تذوقي له في المزرعة، بودرة الزنجبيل العضوي، تحضيرها سهل وطعمه لذيذ ومنعش. الزنجبيل الذي تذوقته في بالي أخف حرارة بكثير من الزنجبيل الذي نحضره في منزلنا – وأنا تعحبني الحرارة- وأشعر أنه أخف أيضًا. لازال الزنجبيل المبروش الطازج هو أفضل خيار لي وأحبها إلى قلبي معنىً ومعدتي طعمًا. البودرة والمغلفات ممتازة لتحضيرها على عجل، في عمل، في وقت تكون فيه متعب ولا يسعك تحضير الزنجبيل الطازج، أو حينما تكون في سفر. من المعروف جدًا فوائد الزنجبيل العظيمة سواء كان طازج ،مجفف أو على هيئة بودرة. الكثير يعرف آثار الزنجبيل الجيّدة للتخلص من الدوار وغثيان الصباح، للتخفيف من آلام العضلات بعد بذل مجهود، يمكن للزنجبيل أن يكون فاعلًا في الوقاية من هشاشة العظام، ممتاز لعسر الهضم، لتقليل مستويات الكوليسترول في الدم وأخيرًا بودرة الزنجبيل ممتازة للتخفيف من الآلام الشهرية.

الكوب جذبني لعدة أسباب، رسومات العصافير والفراشات والورود، فكل شيء من العناصر التي أحبها مرسومة موجودة في كوب واحد، ألوان باستيلية رائعة تتماشى مع الكثير من أواني السفرة لدي. أيضًا مصفاة للأعشاب مما يخولني لشرب الكثير من أنواع الشاي الورق وأخيرًا غطاء للكوب يحتفظ بالحرارة والرائحة لمدة أطول. اقتنيت منه شكلي، الشكل الآخر كان بطابع الورود باللون الزهري مع الأبيض.

شاي الزعفران

الزعفران، تلك الزهرة الجميلة الثمينة، الزهرة التي يحتفل الأهالي بموسم حصادها بعد موسم زرع وموسم انتظار متعب. في اسبانيا هناك مهرجان خاص (Rose of Saffron Festival) يحتفل فيه المزارعين بموسم حصاد الزعفران وغالبًا مايكون في نهاية شهر اكتوبر. طعمه جميل وعطري، منعش ويتوائم مع جلسة تكون فيها خالي النفس لاشيء يشغلك سوى كوب الزعفران الذي أمامك.. الزعفران أثبت قوته في تخفيف الآلام الشهرية، في مكافحة الاكتئاب وتحسين المزاج، للوقاية من أمراض القلب والسرطان، تخفيف تقلصات المعدة وآلامها، مفيد للجهاز التنفسي ولتحسين الرؤية.

الكوب أيضًا قديم جدًا، ربما اقتنيته عام 2009، تصميمه جميل جدًا، وأعتقد أنه يستخدم لشرب القهوة لكني لا أهتم بذلك واستخدمه لشرب الشاي بمختلف أنواعه، حجمه صغير يسمح لي بشرب الشاي ساخنًا قبل أن يبرد معظمه في كوب كبير. أيضًا طابعه لم يكن منتشرًا حينها أو مألوفًا، وجدت منه حبة أخيرة فقط على الرف، وتحت التخفيض فالتقطته بسرعة. أحيانًا أحب أن لدي تشكيلة مختلفة من الأكواب لاتشبه بعضها، لأن خلف كل كوب حكاية مهما كانت سخيفة أو عادية، ولأن تجميع الأكواب هواية جميلة لمن يعرفها.

شاي الزنجبيل بالليمون

أتمنى لو أنه يمكنني الاستمرار بشكلٍ يوميّ في شرب شاي الزنجبيل والليمون كما كنت. اعتدت سابقًا على شرب الزنجبيل المحضر طازجًا من يد أمي العظيمة، كان له لذة لاتقاوم. فأمي تختار الزنجبيل حبة حبة، بمواصفات معينة تضمن فيها جودته، تشتمه بحرص قبل أن تضعه في الكيس. ثم تغسله جيدًا وتقوم ببرشه بكميات تكفي ليومين أو ثلاثة. تضيف له القليل من الكركم . فيصبح الطعم سحريّ وشيء يشبه الأعجوبة.. لأنه فقط من يد أمي لم أستطع صنعه كما تصنعه، ليس فيه “طعم أمي” بكل بساطة. كنت حين أشربه باستمرار ألحظ الكثير من فوائده، هضم ممتاز، مناعة جيدة و تعافي أسرع من نزلات البرد. وكان خير صديق أيام الشتاء الباردة، فكان يفعل الأعاجيب لتدفئتي وطرد البرد من جسمي.  أحضر لي فهد مغلف الزنجبيل بالليمون من تويننقز من عمله، كدعم لمشروعي، فقمت بتجربته سريعًا، فالليمون والزنجبيل خليط سيبدو رائعًا.. شاي الزنجبيل بالليمون مفيد لتعزيز المناعة ، مضاد للأكسدة، للتخلص من الغثيان وحالات الاسترجاع وسوء الهضم بعد وجبة ثقيلة، رائع لصحة الشعر والبشرة، مفيد لمرضى السكر ولتعزيز نزول الوزن . خطرت لي فكرة إضافة العسل للمشروب ، واخترت أن أضيف عسل المانوكا لمزيد من الفائدة في كوب واحد فقط. يُقال أن Twinings من الشركات التي تعمل من أجل سياسة تجارية عادلة، فجميعنا نعلم الظلم الذي يقع على العمّال والأسعار الزهيدة التي يتقاضونها مقابل ساعات طويلة من العمل.